نجمة على درجة عالية من الثقافة تحسب كل خطوة قبل أن تخطيها.. غيابها عن الشاشة الذهبية والفضية لم يمنع من تواجدها طول عام 2013، فهي الحاضر الغائب، جنت هذا العام حصاد ما زرعته طوال مشوارها الفني، هي النجمة التونسية هند صبري.. يمثل العام الجديد لها عودة قوية حيث تعود بفيلم «الجزيرة2» ومسلسل درامي لشهر رمضان.. وكما اشتقنا لها هي أيضا اشتاقت لجمهورها ولعملها، في أول عودة لهند صبري قررت ليالينا أن تكون هند نجمة غلاف هذا العدد، فإليكم تفاصيل هذا اللقاء .

تصدر اسمك هذا العام عدد من القوائم المهمة، منها قائمة أقوى 100 امرأة عربية وقائمة 6 تونسيات سحرن العالم، وجود فيلمان لك في قائمة أفضل 100 فيلم عربي وتكريم في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، أنت الغائب الحاضر في 2013 كيف ترين هذا الحصاد؟
كما قلت حصاد وثمار نتيجة سنوات من العمل، أرى أن حياة الفنان تنقسم إلى أجزاء، هناك جزء يقدم فيه الفنان عدد كبير من الأعمال مع الوضع في عين الاعتبار نوعية وقيمة هذه الأعمال، وبالنسبة لي يتمثل في أفلام ومسلسلات مثل مسلسل «عايزة اتجوز» الذي مازال يعرض حتى الآن، وأفلام لها قيمة حقيقية ضمت لقائمة أفضل 100 فيلم عربي مثل «صمت القصور» الذي انتج عام 1994 وفيلم «عمارة يعقوبيان» الذي انتج عام 2006، وبعد مرحلة عمل طويلة هناك مرحلة ثمار هذا المشوار، ولا تقاس بكم الأعمال وإلا كنت قدمت أعمال أكثر بكثير ولكنها تقاس بقيمة العمل الذي أقدمه، وهناك مرحلة من الوقت أنجبت خلالها ابنتاي «عليا» و «ليلى».

هذا يعني أن 2013 يعتبر حصاد مشوار هند صبري حتى الآن؟
الحمد لله، فما قدمته في السنوات السابقة أحصده اليوم ولم أقدم أعمالا غير مقتنعة بها وأتمنى أن يكون هناك أكثر من حصاد.

من النادر فنانة في عمرك تحصل على أكثر من 20 جائزة دولية ؟
عندما أقدم عملاً فنياً أحاول بقدر المستطاع تقديم أقصى ما لدي وأحاول ألا يمل الجمهور مني لذلك أسعى دائما للتنوع في الأعمال بين الثقيلة والخفيفة، فمن يشاهدني في «عايزة اتجوز» لا يتخيل أنني أقدم شخصية أسماء المرأة البالغة 40 عاما ومريضة بالسرطان وهذا يجعل الجمهور يشعر أنني أقدم عملا جديدا له ولي.

استطعت كسر مقولة أن أفلام المهرجانات لا تنفع الجمهور، كيف استطعت حل هذه المعادلة الصعبة، وهل تضعين في بالك الجمهور أم النقاد أثناء اختيارك لأعمالك الفنية؟
هذه معادلة صعبة جدا لكن هناك عوامل تطمئن الفنان مثل مخرج قوي وسيناريو جيد، وأهم شيء أن أكون مطمئنة للمخرج وأشعر أنني في أيد أمينة. أميل دائما إلى الأعمال الثقيلة التي تحترم عقلية المشاهد وتعطي له مساحة من الخيال، وأنا ضد مقولة «أفلام مهرجانات» ويجب أن نقرب الجمهور من ذوقنا وألا ننفره من الأعمال الثقيلة نقدم لهم أعمالا يريدون مشاهدتها ونجذبهم في الوقت ذاته لأعمال أكثر عمقا، فلسفتي «عمل للجمهور وعمل لي».. أقدم عمل ثقيل ثم أقدم عمل خفيف، قدمت مسلسل «عايزة أتجوز» ثم قدمت مسلسل ثقيل «فرتيجو» وهذا ما أحب أن ألعبه.

وجهت الشكر للمنتجين الذين حرصوا على الحفاظ على صناعة السينما في مصر، لكن المنتج أحمد السبكي أكثر منتج قدم أفلاماً في العامين الماضيين لكنها نوعية غير جيدة ولا تحمل أي قيمة، هل ترين أنه من المفروض توجيه شكر للسبكي أيضاً؟
بالطبع نوجه له الشكر، في الوقت الذي خاف فيه المنتجين المغامرة بأموالهم هو غامر بأمواله، وهو غير مسؤول عن أن الأفلام التي ينتجها لها جمهور ولايوجد منتج يريد الخسارة، غير متفقة مع هذه النوعية من الأفلام لكن أي تذكرة تم شرائها خلال العامين الماضيين تعد مكسبا لصناعة السينما، لكن ما نعيب عليه المنتجين الآخرين الذين تركو المساحة لهذه النوعية من الأفلام، كسبنا  كثير من السينما وواجبنا اليوم أن نقف بجوارها، ممكن أن يكون الإنتاج في هذا الوقت مغامرة ولكن السؤال لماذا المغامرون قليلون..!؟ والمشكلة ليست السبكي، المشكلة على من ترك المساحة فارغة لهذه النوعية من الأفلام، لكن في الوقت ذاته نجد أن السبكي قدم أفلاما ثقيلة مثل «الفرح» و«كباريه»، في النهاية هو من ظل يغامر بأمواله ويشكر على ذلك، لكن بدورنا نحن أيضاً المفروض أن نغامر بشكل أكبر.

بالفيديو: هند صبري توجه رسالة لمعجبينها عن طريق "ليالينا"

حدثينا عن «الجزيرة2»؟
يعتبر هذا الفيلم مغامرة حقيقية لأن الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية صعبة جدا على فيلم ثقيل مثل «الجزيرة2»، واعتقد أن المخرج شريف عرفة وصناع الفيلم شعروا بالمسؤولية اتجاهه وأنه حان وقت عودة الأفلام الكبيرة لدور العرض، كل صناع «الجزيرة1» قلقون من «الجزيرة2» ونعتبره تحدي، سيناريو الجزء الثاني يعد مستقلاً ومختلفاً عن الجزء الأول خاصة وأن التغيرات التي حدثت في مصر تسمح لنا بطرح «ملحمة الجزيرة» مرة اخرى بشخصياتها في ثوب جديد، كل هذا جعلنا نقرر المغامرة، وهنا المغامرة ليست اقتصادية فقط، ممكن نحن كممثلين أجورنا أقل من الجزء الأول، لكن هناك أيضا مسؤولية لإعادة جمهور السينما، وإذا لم نغامر بتقديم فيلم مثل «الجزيرة2» في هذه الظروف متى سنفعل إذا.؟؟

عندما يكون هناك جزء ثاني من أي عمل يربط الجمهور توقعاته بمقدار نجاح الجزء الأول، وهو ما يحدث حاليا في «الجزيرة2»، خاصة وأن الجمهور هو من قام بالبروبجندا، فهل تتوقعين أن يحقق الجزء الثاني نفس نجاح الجزء الأول؟
لا أعلم.. ولا أعتقد أحد يعلم، لكن الذي متأكدة منه بداية من السيناريست محمد دياب وخالد دياب وشيرين دياب إلى شريف عرفة وأحمد السقا وخالد الصاوي والأستاذ محمود ياسين ونضال الشافعي وكل عناصر الفليم الذين شاركوا في «الجزيرة1» أننا مركزين جدا لأننا متخوفين مما تقوليه، وما أعرفه أننا سنبذل أقصى جهودنا والتوفيق من عند الله، ولا أعتقد أن فريق العمل قرر الإقدام على المغامرة بنجاح «الجزيرة1» إلا إذا كان هناك سيناريو على قدر جودة الجزء الأول إن لم يتفوق عليه.

لماذا شبهت «الجزيرة» بفليم «The Godfather»؟
لأن يملك كل العناصر الملحمية الموجودة في «The Godfather» شخصيات لها بعد إغريقي تراجيدي، هو ليس فيلماً مستورداً لكنه محلي الصنع، جودة صنعه جعلتنا عندما نتحدث عن المخدرات نذكر «الجزيرة» مثلما ظل « The Godfather» مرجع لعالم المافيا.

أصدرت الممثلة التونسية سناء سيف بياناً أعلنت خلاله انضمامها إلى «الجزيرة2» وأنها ستجسد دور «كريمة» وهي الشخصية التي تجسديها في الفيلم، وفي اليوم التالي أصدرت بياناً وتجاهلتيها تماما؟
حفاظاً على ماء الوجه، ولا أعلم حتى الآن تفسير ماحدث وتعجبت جداً خاصة وأنها تونسية ولا أعرفها ولم أقابلها أبدا، هي قالت أنها لم تصدر بياناً، ولا أريد افتراض سوء النية اعتقد أنه سوء تفاهم، لكنني أصدرت البيان كي أضع فيه النقاط على الحروف ويكون الموضوع واضحاً للجميع، وأنا بطبيعتي لا أحب الحديث عن أي عمل قبل البدء في تصويره، كلنا نعمل بمبدأ «داري على شمعتك».

لماذا قررت العودة إلى السينما التونسية في هذا الوقت؟
لأنها «وحشتني» جداً، وتونس تحتاج لمن يقف بجانبها وهذا بالنسبة لي واجب وطني، وخيرها علي كثير، بداياتي الفنية كانت منها وأرغب أن أكون بجانب بلدي في ظل ما تمر به.

حدثينا عن الفيلمين في السينما التونسية؟
هناك فيلم يتناول قضية اجتماعية وهي جهاد النكاح وهذه القضية أصبحت ظاهرة اجتماعية في تونس، هناك فتيات صغيرات ضحايا هذه الكذبة أعدادهن كثيرة ضحك عليهن وأصبحن حوامل وهذه بالنسبة لي قضية مهمة جدا، الفيلم الثاني تدور أحداثه حول زوجين في إطار تراجيدي، وشعرت بالرغبة في تقديم عمل إنساني ليس له علاقة بالسياسة والمخرج فارس نعناع صديق وهذه أولى تجاربه الإخراجية أرغب في الوقوف بجانبه.

صرحت أنك حوربت من الفنانات المصريات سراً وعلناً في بدايتك في مصر؟
قلت أنني لم أحارب أكثر من غيري، هناك فنانات مصريات أيضا تم محاربتهن، ولا أعرف مصدر الحروب في بداياتي، وصحيح عندما بدأت أنا والممثلة نور اللبنانية كنا نحن الإثنان فقط غير مصريين، اليوم أصبح الموضوع أسهل بكثير، كلنا حوربّن سواء مصريات أو غير مصريات ولكن كل واحدة حوربت بطريقة مختلفة.

تعودين هذا العام للدراما الرمضانية مع الكاتبة غادة عبد العال والمنتج طارق الجنايني نفس فريق عمل «عايزة أتجوز»؟
بالفعل أعود للدراما هذا العام حيث طلب منا تقديم جزء ثاني للمسلسل لكن خوفنا على نجاح الجماهيري للمسلسل جعلنا نقرر كفريق تقديم عمل جديد يدور في إطار كوميدي ساخر له عمق.

أنت مواليد برج العقرب، ومن صفات امرأة هذا البرج الحزم والصرامة والحنان، هذا الخليط يعتبر صعب كيف تتعاملين معه؟
هو خليط متعب فعلا، بعد إنجابي فهمت شخصيتي أكثر وبدأت تلخيصها، اليوم أنا متصالحة مع نفسي أكثر من أي وقت مضى، كنت شخصية حازمة بشكل مبالغ فيه ثم ينتابني الشعور بالذنب من ردة فعلي القاسية إلى حد ما، بينما الآن «أنا هو» أنا «take me or leave me» أصبحت أكثر دراية بنفسي بسلبياتها وايجابيتها وأعمل على السلبيات، الإنجاب جعلني أكثر تفهما لنفسي أصبحت أتخلص من أشياء ليس لها أهمية في حياتي أصبحت أكثر هدوءاً أحمد الله أنني أعيش استقراراً بيني وبين نفسي.

ما هي الأشياء التي قررت ِالتخلص منها؟
صارمة في عملي جدا وأتضايق جدا عندما أشعر أن من أمامي لا يحترم عملي وعمله على نفس مقدار احترامي لعملي وعمله، مهنتنا صعبة، حيث نعمل لساعات طويلة وتتخللها ساعات انتظار طويلة ممكن أن تكون لأسباب غير مقعنة أحياناً بالنسبة لي وكان هذا يجعلني أتوتر جداً، أما حالياً فبدأت أتعلم الصبر وطولة البال.

أنت شخصية صريحة وواضحة بطبعكِ وهذا كان يضايق البعض منك، هل اختلف الوضع حالياً؟
مازلت صريحة وواضحة، لكنني أصبحت لا أقول إلا ما يجب أن يقال وإذا شعرت أن هناك كلمة يجب أن أقولها سأقولها، وأنا من الشخصيات التي لا تحب كتمان كلمة بداخلها، ولا أغلّف رأيي في قطعة من الحلوى، لأن شعب تونس غير مجامل وواضح جداً.

بعد إنجاب إبنتك الثانية «ليلى» ما الذي تغير في هند صبري؟
أشياء كثيرة تغيرت، فهما أهم أولوياتي، ومنذ ولادة ابنتي الأولى «عليا» لم أقدم سوى مسلسل «فرتيجو»، الله يحفظ والدتي فهي تساعدني كثيرا، ابنتاي أهم شيء في حياتي وأولويتي الوحيدة راحتهما وتربيتهما وأي شيء آخر يأتي بعدهما، أنا من الفنانات اللاتي يعتذرن عن الأعمال وعندما كان يعرض عليّ أعمالاً من قبل واعتذر عنها كنت أتسأل لماذا اعتذرت، ولكن اليوم اختلف الوضع طالما بناتي بحاجة لي اعتذر فورا ولا أندم عن أي عمل لم أشارك فيه.

هل تدللين بناتك؟
أنا أم حنونة جدا ومتواجدة دائما معهما أدللهما ولكن ليس كثيراً، لدينا في تونس مثل شعبي يقول  «الدلال يخلف الهبال»، فالأطفال حالياً ينشأون في ظروف مختلفة تماماً عن ظروفنا، عالمهم مفتوح ومخيف وقاس أكثر بكثير،  لذا يجب أن يفهما منذ الطفولة أن هذا العالم ليس نزهة، ولن أضعهما في فقاعة هواء لأنهما بنات فنانة، خاصة وأن ظروفهما المادية أفضل من ظروفي المادية في صغري، فمثلاً ليس كل ما يطلب يوفر، يجب أن تشعر أنه ليس كل شيء متاح وحتى إن كان متاح يجب أن تحصل عليه بصعوبة يجب أن تشعر أن هناك تعب ومجهود للوصول لما تريده، أولوياتي ليست المادة وهذا ما يجب أن يفهماه، المال يأتي ويذهب بينما إذا ذهبت القيم لن تأتي مرة أخرى.

من أقرب في شخصيتها لك «عليا» أم «ليلى»؟
«ليلى» عمرها ستة أشهر حاليا لم تظهر شخصيتها بعد، بينما «عليا» قريبة من شخصية والدها وعنيدة مثلي لديها قوة ملاحظة جيدة حيث تجديها تنظر إلى كل التفاصيل.

هل ستسمحين لبناتك في المستقبل خوض غمار التمثيل؟
ليس لدي أي مانع لكن لا أتمنى ذلك، فمهنة التمثيل مرهقة وصعبة جداً وليس كل الممثلين نجوم، هناك ممثلين ممتازين لا يعملون لأن الحظ لم يحالفهم أو ليس لديهم ذكاء اجتماعي كاف، التمثيل مهنة صعبة يجب أن تتعب فيها كثيرا وتكون طويلة البال وتعلم أولوياتها جيداً وتكون قدماها ثابتتان على الأرض، فليس الجميع لديهم الشخصية التي تجعلهم يتحملون مشقة مهنة التمثيل.